السّـرور"جريدة مُفاكهة مُمازحة مُؤانسة " ذات رسوم متنوّعة تلامس الواقع اليومي، لغتها متراوحة بين العامية والفصحى بأنماط كتابية متنوعة. من أعمدتها:افتتاحية سياسية ذات أبعاد اجتماعية واقتصاديّة،و"الوسواس الخناس"تنطلق من ذكر الشراب"(الخمر) لتتداعى إلى مسائل أخرى اجتماعية حضارية،و"بالرّيشة والقلم" ليعرّف بشخصيات تونسية على غرار الهادي العبيدي (1911-1985) وعبدالرزاق كرباكه (1901-1945)،و"مذكّرات هروينجي" الذي يعالج مظاهر استهلاك الهروين، و"نطيّحوا الفرضاوي" بجمع أخبار الثقافة وأهل الفنّ وخاصة النساء ،أيضا"المسرح" وقضاياه وإنجازاته، وأدب "المقامة" (الأميلكارية أو الصندويتشية)، والشعر العامّي كملزومة "يا سلاّك الواحلين" التي يبسط فيها قضايا المجتمع والسياسة مع أقاصيص ومسابقات وإعلانات متنوّعة و حوارات مع الصحف. وبذلك كان خطاب "السّرور" مراوحا بين النّثر والشعر العامّي السّاخر كلمةً ورسمًا.
فقد أثارت "السرور" قضايا السياسة الاستعماريّة واستحقاقات الاستقلال عبر الحوار التّونسي الفرنسي برزت فيه شخصية بورقيبة (1903-2000) كأغلب خطابات الجرائد التونسيّة. وعرضت للقضايا الاقتصاديّة كـتراجع قيمة "الفرنك" مع ارتفاع الأسعار ورواج الاحتكار للمواد الأساسيّة بين التونسيين وفساد تجار تونس واحتكار الإسرائيليين لتجارة "الحبوب من الأعراب بـ60 وبيعها للدولة بـ120 لتعيدها في شكل سلفة للفلاحين" وترويج الإيطاليين للخمور بين العرب " خاطر لاراب ما عندوش كمنباصو في راسها".
أمّا قضاياها الاجتماعيّة فأبرزها استهلاك الهِروين وتداعياته المأساويّة في"مذكّرات هروينجي" أومسائل التحرّر الاجتماعي بخصوص المرأة كتخيّل موقف للطاهر الحدّاد بعد مماته حول وضعية المرأة التّونسيّة بأسلوب ساخر،ويقترح الصّحفيّ ضمن مقترحاته المتنوّعة الآنسة شافية رشدي مديرة"لدار جواد تؤدّب السّجينات بالكرافاش". كما تطرح "السّرور"مسألة انقلاب أدوار النّساء والرّجال بـكلّ جرأة ضمن مجتمع متحوّل في"ملزومة " منها:
المــرا صبحـت راجل | والـرّاجـل ولّــى مقنـدل |
هو يصبّـح في المرشي | من نصبه لنصبه يــفــرت |
وهـي تخدم في البيرو | تجري على الخبزه وتكـلـت |
...المراة تربّي لحيتها | والرّاجل يولد ويرضّع |
ولم يخل خطاب الجريدة من صور إيروسيّة تحتفي بجسد المرأة وتشابيهه إذ "يوجد اليوم في فندق الغلة: تفاح كأنه نهد بنت 12 عاما، وخوخ كأنه خدها، ودلاع كأنه ردفها، وعنب كأنه عناقيد شعرها،وسفرجل كأنه طشكها".
خطاب جريدة "السّرور" ذو أبعاد مختلفة منتقدة فاضحة غزليّة متشابكة بأسلوب فكاهيّ ساخر ناقد يمزج الواقع بالخيال في أغلب أركانها لتُمْسِيَ شاملةً جامعةً تحاول التميّزَ عن غيرها من الجرائد لكنّها تتشابه وجريدة " الشباب" (1936-1937) لمحمود بيرم التونسي (1893-1961) في توجّهها وأساليبها وأعمدتها ضمن 16 عددا بينما السّرور توفّر منها 6 أعداد فقط سنة 1936.
مـلزومة – القمّار
حـالـَه رذيــلـَة وبـلاواتْ * ثروتـْنا ذابتْ وفنـاتْ
مصيبة في الأمه تفشات * يا لطيف م النكارات
القمــار تـفشـى فيــنــا * كالطـاعون نـزل علينا
أولاد ربط وأولاد مدينه * براوطيـنا وأفـوكـاتينـا
وصغـارنا ما بيـن يديــنـا * جواعه عرايا بلا سباط
( الملزومة السرور ع2 ليوم06 ماي 1936. ص18)
"رسائل الأموات "
أبو القاسم الشابي – ما هو إحساسُ الشباب الأدبي بعدي ؟ وهل نُشر ديواني ؟ وماهي عواطفُ التونسيين نحوي؟
السرور- إحساس الزوج الذي ماتت حماتُه ! أمّا ديوانكم فقد اكتفت جمعية المؤلفين التونسيين عنه بنشر عدد من مجلة العالم الأدبي – متواضع يحتوي على نصّ بعض القصائد التي قيلت في تأبينكم ثم أعلنت الإفلاس . أما عواطفنا نحوكم فهي تدعو إلى الفخر بحيث نرى السّطو على غُرركم ومسخَها ولا ننبُس ببنتِ شفة . وآخرُ سطر وقع من الشاعر المِصري زميلكم الدكتور إبراهيم ناجي.(عمود "من القراء وإليهم"السرور عدد5 بتاريخ 27 سبتمبر 1936. ص5)
رسائل الأموات.
الطاهر الحداد- هل تغَيّر رأيُ التونسيين في المرأة وهل تحسنت حالهُا الاجتماعية؟
السرور- هيه . هيه ! لقد أصبحت المرأة التونسية تحضُر الاجتماعات السياسية والعامّة وتسمع خُطب الزعماء ومحاضراتهم وتُولول عند المواقف الحسّاسة وتنشُر الصحافة صُوَرها بمزيدِ الفخر والإعجاب ويفتتحُ الزعماء خطبهم بهاته العبارة: سيِّداتي سادتي لكن يا خسارة لم تتقدم في ميدان التعليم !.
( عمود" من القرّاء وإليهم" السرور عدد 5 بتاريخ 27 سبتمبر 1936. ص5)
جريدة السرور 1936.