قد قدّم لها الأستاذ محمد اليَعْلاوي ، ثلاثة أقسام: أوّلها ثلاثُ مقدّمات نثرية مسْجوعة، مدارها على الوعظ والإرشاد والتَّزْهيد في الدّنيا، والتذكير بالآخرة. وثانيها هو الديوانُ الأصليّ، وفيه يجري الشاعر على قاعدة التزمها في كلّ القصائد؛ وهي بدءُ القصيدة بحرف من حروف الهجاء، ثمّ يَشفَعها بمقطوعات قصيرة تتراوح بين بيتَين اثنين، وأربعَة أبيات. وثالثُها ذَيْلُ الدِّيوَان ، وهو يضمّ 29 قصيدة موزّعة على حروف المُعجمِ.
ومدارُ الديوان كلّه على غَرضِ الرّثاء، وقاعدةُ هذا الغَرض تأكيد الغَيبَة، وسياقه الزمنيّ الماضي الذي يحمل قيمَة في ذاته؛ ويفيد في الآن نفسه الدوامَ والاستمرار أي الذكر الباقي. والمرثيُّ هو ابنُ الشاعر عبدُ الغَنِيّ الذي تُوفّي وهو دون العاشرة من عُمُره. ولئن أقام الحُصْري رثاءه شأنه شأن شعراء المراثي، على قاعدتَي النُّدبَة أي بكاء المَيّت، والتَّأْبين أي الثناء على المَيّت؛ فإنّه تفرَّد وهو الكَفيف، بِوصف مرضِ ابنِه وأعراضه من رُعاف ونزيف، وصفًا دقيقًا. وأبرزَ حيرة الأطبّاءفي علاجه، وما كان يُعانيه هو من لذْع الحزن والوَلَه والحُرْقة. بل بَرع في وصف احتضار الطفل وموتِه.
بل انزوَى في التفاصيلِ، فأرجعَ المرضَ إلى ثلاثة أسباب هي : لَطمَةُ أخٍ له يسمِّيه "ابن الجاريَة"، وفراقُ أمّه، والحُصْرِي يعرِّضُ بها وبخيانتها؛ وعينُ الحاسِد إذ كان الطفلُ على صِغر سنِّه، مبَرّزًا في ترْتيل القُرآن وتَجْويده، وفي التمْييز بين مُختلف قراءاتِه، على نحو ما جاء في بعض المَراثي.
حقّقه محمّد المرزوقي والجيلاني بن الحاج يحي(1963)، معتمدين مخطوطة الديوان الوحيدة الموجودة بدار الكتب المصريّة؛ وهي مرتّبة حسب الطريقة المغربيّة في ترتيب الحروف. وهذه الطريقة تتّفق مع قرينتها الشرقيّة حتى حرف الزاي، ثمّ تختلف عنها بعده. وقد احتفظ المحقّان بها، وبذلا جهدا محمودا في نسخ المخطوطة، وإصلاح ما شابها من محو ونقص. ويضمّ الديوان في طبعته الجديدة الصادرة عن المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون "بيت الحكمة" 2009.
Le recueil est édité par les soins de Muhammad Al-Marzouki et Al-Jilani ben Al-haj Yahya (1960) d’après le seul manuscrit se trouvant à la bibliothèque nationale d’Egypte. Il est composé selon la méthode maghrébine de classement alphabétique ; méthode qui correspond à celle d’Orient jusqu’à la lettre z et en diffère pour le reste. Les deux éditeurs l’ont adoptée non sans avoir fourni un grand labeur dans la transcription du manuscrit et dans le rétablissement des omissions et des ratures.