النّقود العربية في تونس

من الشائع أن الكتاب هو من تأليف حسن حسني عبد الوهاب (1883-1968)، بالرغم من أنّ اسم المؤلف لم يذكر على غلاف الكتاب. ولكن، بما أن مقدمته المطوّلة (ص. 11-42) حملت توقيعه، وأنّه سبق له نشرها سنة 1965 بنفس العنوان بالمجلد الأول من كتابه ورقات عن الحضارة العربية بإفريقية التونسية (ص. 397-466)، أصبحت نسبة الكتاب إلى "العلاّمة"، صاحب المؤلفات العديدة، أمرا مسلّما. في واقع الأمر، هذه النسبة لا تعود فقط إلى مقدّمته بقدر ارتباطها بملكيته للمجموعة النقديّة المضمنّة في مصنّف الكتاب، والذي هو، حسب ما تبيّن لي، من إعداد محمد الشابي. نشر الكتاب البنك المركزي التونسي، وطبع بتونس سنة 1968 من طرف الشركة التونسيّة لفنون الرسم. وهو يحتوي على 178 صفحة، وزّعت بين بابين، تطرّق فيهما لمواضيع شتى تتعلّق بموضوع الكتاب. خصّص بابه الأوّل للنُبذة التاريخية الموجزة عن سكة البلاد التونسية في العصر الوسيط، والتي أُطلق عليها آنذاك تسميّة إفريقية. استهلّها حسن حسني عبد الوهاب بتقديم سكة البيزنطيين قبيل الفتح العربي (ص. 11-12)، مرورا بسكة الولاة الأمويين (ص. 12- 14)، والفهريين (ص. 22-23)، والعباسيين من المهالبة (ص. 23-24)، فسكة الأغالبة (ص. 24-27) ومنها على وجه الخصوص بعض دراهم الثوار وميدالية أغلبية، ثمّ السكة الفاطميّة-الزيريّة (ص. 27-32)، بما في ذلك "دينار صاحب الحمار" (ص. 28-29)، وسكة "الزحفة الهلالية" (ص. 32)، و"أمراء الطوائف" ( ص. 32-33)، و"النرمند" (ص. 33-34)، فالسكة الموحدية-الحفصيّة" (ص. 34-39)، مع استطراد خفيف حول السكة العثمانيّة في بداية عهدهم بإيالة تونس (ص. 39-40)، واختتمها بكلمة "إلى القارئ (ص. 41-42). علاوة عن تطرّقه، في ثنايا هذه الخلاصة، لبعض القضايا المطروحة آنذاك حول "الصور على النقود العربية" (ص. 14-16)، و" دار الضرب" (ص. 16 و17-20)، و"ابن خلدون والنقود" (ص. 17)، و"الصنوج" (ص. 20-22). أمّا الباب الثاني من الكتاب (ص. 43-149)، والذي مثّل آنذاك القسم الأساسي للعمل، فقد خصّص للدراسة النمّية الصرفة، القائمة على وصف سكة إفريقيّة، بحسب الترتيب الزمني لتعاقب الحكام، ووضع مصنّفا لها بالاعتماد على مجموعات كلّ من ح.ح. عبد الوهاب، المحفوظة حاليّا بمتحف العملة التابع للبنك المركزي التونسي والمعهد الوطني للتراث ومتحف باردو. هذه الخلاصة عن تاريخ سكة إفريقية على مدى ما يقارب التسعة قرون، والتي مثّلت فاتحة الدراسات النمّية التوليفية، المكتوبة حول الموضوع باللغة العربية، تناول فيها حسن حسني عبد الوهاب، بشيء من التفاوت من حيث القيمة، عدة إشكاليات نمّية، أصبح بعضها فيما بعد مواضيع بحوث معمّقة لأجيال من الباحثين التونسيين.