هذه المعطيات وقتيّة في انتظار المصادقة عليها !

خير من زِنَتِه

علي بن زياد العبسي
 -  183 / 799 تونس العاصمة

أصله من العجم وانتسب إلى عبس بالولاء. وقد وُلد بطرابلس، ثمّ انتقل إلى مدينة تونس، وبها استقرّ وتوفّي، وقبره معروف هناك ناحية القصبة. تعلّم بمدينة تونس وأخذ عن أشهر علمائها لاسيما خالد بن أبي عمران التجيبي (ت. 743/125 أو 754/127). ثمّ رحل إلى المشرق وأخذ بمصر عن الليث بن سعد (ت.175 / 791) وعبد الله بن لهيعة((ت. 174 / 790)، وبالمدينة عن مالك بن أنس (179 / 795)، وبالعراق عن سفيان الثوري (161 / 777) وغيره. "وهو أوّل من أدخل المغرب جامع سفيان الثوري وموطّأ مالك، وفسّر لهم قول مالك ولم يكونوا يعرفونه". رشّحه والي إفريقية روح بن حاتم (171-174/786-790) لمنصب قضاء القيروان، فرفض. عرّفتنا المصادر بثمانية من تلاميذه، أشهرهم أسد بن الفرات (ت. 213 / 828) وسحنون بن سعيد (ت. 240 / 854). وإليه كان علماء القيروان يفزعون إذا اختلفوا في الفتوى. وتنسب المصادر إليه رواية لموطّأ مالك، أدخلها إلى إفريقية حوالي سنة 767/150، وهي تُعدّ أقدم رواية للموطّأ، وقد حقّقها الشيخ محمد الشاذلي النيفر، كما تَنسب إليه كتابَ خيرٌ من زِنته.


من مؤلّفاته

المدوّنة الكبرى خير من زِنَتِه


تقديم النّص

وصلتنا منه ورقة واحدة، ضمن مجموع من الوثائق والأوراق المتأتّية من إفريقية، عُثر عليها بإحدى غُرف جامع دمشق سنة 1839. وقد عَرّف بهذا المجموع دومنيك وجانين سوردال، ثمّ نُشر البعض من الأوراق منه في فترات مختلفة، ومنها ورقة خير من زنته سنة 2019.

وصف القاضي عياض هذا الكتاب، وعرّفنا بمحتواه، كما ذكر أنّ علي بن زياد قد احتار في عنونة هذا الكتاب، "فقيل له في النوم: سَمِّه كتاب خير من زنته"، أي أنّ محتواه أفضل من وزنه ذهبا. وتهدف هذه الرواية، التي حرصت كتبُ التراجم على ترديدها، إلى تأكيد أهمية هذا الكتاب.

وهو يحتوي على ثلاثة أجزاء: بيوع ونكاح وطلاق، تتضمّن أسئلة وُجّهت إلى مالك بن أنس حول هذه الجوانب، وقام علي بن زياد بتدوينها، وإدخالها إلى إفريقية، وإسماعها لطلبته نذكر منهم سحنون. على أنّ هذا العالِم ذكر أنّ أصل هذا الكتاب هو لأحد معاصري علي بن زياد، وهو عبد الرحيم بن أشرس، أخذه عنه ابن زياد، ورواه بالمعنى مع تهذيبه. ورغم ذلك، فإنّ المصادر تنسب هذا الكتاب إلى علي بن زياد، نسبه إليه مثلا اللخمي في تبصرته، والمازري في فتاويه. ثمّ إنّ الورقة التي وصلتنا من هذا الكتاب تحمل في وجهها عنوان الكتاب، وتنصّ على اسم علي بن زياد، وعلى سند رواية هذا الكتاب، المتضمّن لما يلي: محمّد بن سحنون عن سحنون عن علي بن زياد. بينما يحتوي ظهرُ الورقة على الصفحة الأولى من الجزء الخاصّ بالبيوع. وقد وردت في هذه الصفحة ستّ مسائل فقهية، تهمّ الأولى دفع عُربون عند شراء سلعة، وتتعلّق الثانية ببيع أمَة وعليها حليّ... أمّا المسألة السادسة فهي تخصّ بيع دابّة على أن يشترط البائعُ استعمال الدابّة لفترة معيّنة بعد إتمام البيع. أهمّية هذا الكتاب تتأتّى من ارتباط مسائله بالواقع المعيش، فهي تهمّ المعاملات والأحوال الشخصية، ومن تقديم فكرة حول بدايات المذهب المالكي بإفريقية.

ويؤكّد هذا الكتاب أيضا مدى أهمّية دور علي بن زياد في إدخال ذلك المذهب إلى إفريقية، وشرح فقهه لأهلها، ودوره الريادي في كلّ ذلك. وبحكم ملازمته لمدينة تونس، ورفضه لوظيفة القضاء بالقيروان، عاصمة إفريقية آنذاك، فإنّه لم يُكتَب له أن يكون عنصرا فاعلا في نشر المذهب المالكي بإفريقية، بل إنّ ذلك تمّ على أيدي تلاميذه وعلى رأسهم نذكر سحنون بن سعيد.

تعديل الجذاذة
شواهد

"قال محمّد: قال سحنون: قال علي بن زياد: سئل مالك عن رجل باع بيعا وأخذ عربانا، ثمّ إنّ المبتاع مات قبل أن يقبض سلعتَه، ولم يوف الرجل حقّه، أو أعسر بالثّمن، وترك العربان في يدي البائع، أيجوز للذي في يديه العربان أن يحبس العربان، وينظر؟ فقال: البيع لهما لازم..." (علي بن زياد، خير من زنته، ضمن Brahim Jhilil, « Découverte d’un fragment… »، ص 246).

"وسئل مالك عمّن اشترى أَمَة، فوُضعت على يدي عدل، حتّى تُستبرئ، أيصلح النّقدُ في ذلك؟ فقال: لا يصلح النقدُ بشرط، حتّى يتمّ البيع..." (علي بن زياد، خير من زنته، ضمن Brahim Jhilil, « Découverte d’un fragment… »، ص 246).

"وسئل مالك عن رجل باع أمة بثمن مسمًّى، واستثنى جنينَها لنفسه، أو قال هو حرّ؟ فقال: لا ينبغي أن يستثنيه، إنّه غرر، لا يحلّ بيعُه..." (علي بن زياد، خير من زنته، ضمن Brahim Jhilil, « Découverte d’un fragment… »، ص 246).

مخطوطات
صور ذات صلة
معطيات بيبليوغرافيّة

مالك بن أنس، الموطّأ، رواية علي بن زياد قطعة منه، تحقيق الشيخ محمد الشاذلي النيفر، الدار التونسية للنشر - تونس 1399/1978، انظر المقدّمة.
المالكي، رياض النفوس، تحقيق بشير البكوش، مراجعة محمد العروسي المطوي، دار الغرب الإسلامي – بيروت 1983، ج 1 ص 234-237.
تراجم أغلبية مستخرجة من مدارك القاضي عياض، تحقيق محمد الطالبي، منشورات الجامعة التونسية - تونس 1968، ص 22-23.
القاضي عياض، ترتيب المدارك، تحقيق أحمد بكير محمود، ط بيروت -طرابلس 1967، ج 1 ص 326-327.
نجم الدين الهنتاتي، المذهب المالكي بالغرب الإسلامي إلى منتصف القرن 5 هـ/11م، تبر الزمان - تونس 2004، ص 38-42.
محمد مسعود جبران، علي بن زياد الطرابلسي ودوره في نشر المذهب المالكي في القرن الثاني الهجري، جمعية الدعوة الإسلامية العالمية 1431/2010.

Dominique et Janine Sourdel, « Nouveaux documents sur l’histoire religieuse et sociale de Damas au Moyen Age », REI, XXXII, 1964, p.1-25.
Ghrab Saad, Ibn Arafa et le malikisme en Ifriqiya au 8e/14e siècle, Publications de la faculté des lettres de la Manouba, 1992-1996, T 1 p. 166, 170-172.
Brahim Jhilil, « Découverte d’un fragment inédit des prémisses du malékisme en Ifriqiya : Kitab Khayr min zinatihi de Ali b. Ziad (m. 183-799-800) », Journal Asiatique 307. 2 (2019) : 235-248.
Miklos Muranyi, BeiträgezurGeschichte der hadit…in Nordafrika bis zum 5. J. D.H., Wiesbaden, Harrassowitz Verlag 1997, p. 7-8.

  • أبو عبد ألله مالك ابن أنس الأصبحي : موطأ الإمام مالك - قطعة منه برواية ابن زياد ، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1982. تحقيق
  • أبو بكر عبد الله بن محمد مالكي : كتاب رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية وزهادهم وعبادهم ونساكهم وسير من أخبارهم وفضائلهم وأوصافهم ، حققه بشير البكوش، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1983. تحقيق
  • أبو الفضل عياض : تراجم أغلبية - مستخرجة من مدارك القاضي عياض ، تحقيق محمد الطالبي مع مقدمة وفهارس، الجامعة التونسية، تونس، 1968. تحقيق
  • أبو الفضل عياض : ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك ، تحقيق أحمد بكير محمود، دار مكتبة الحياة، بيروت، 1967.
تحرير الجذاذة
(بتصرّف اللّجنة العلميّة)

متحف التراث المكتوب - 2022

Creative Commons logo

نرحّب بملاحظاتكم ومقترحاتكم على العنوان التّالي :