قصيدة « يَا لَيْلُ الصَّبُّ »... ومعارضاتها

علي الحُصْري
420 / 1029  -  488 / 1095

لُقّب أبو الحسن علي بالحُصْري نسبة إلى قرية حُصْر قرب القيروان وله قرابة بابراهيم الحُصري . كان ضريرا وقضَى شبابه بالقيروان حيث التقى دون شكّ بابن شرف و ابن رشيق . حتّى إذا كانت الزّحفَة الهِلاليّة وهو في سنّ الثلاثين تقريبا، هاجر سنة 449 / 1057 إلى سبتة ؛ ثمّ إلى الأندلس ، حيث مدح المُعتمد بن عبّاد صاحب إشبيلِية ، وبعض ملوك الطوَائف؛ ثمّ إلى طنجة حيث تُوفِّي سنة 488هـ/ 1095م. يصفه ابن دحية بـ"المقرئ اللّغويّ النّحويّ الأديب".


من مؤلّفاته

اقتراح القريح واجتراح الجريح ديوان الحصْري: المتفرّقات والمعشّرات قصيدة « يَا لَيْلُ الصَّبُّ »... ومعارضاتها القصيدة الحصرية في قراءة الإمام نافع المعشّرات


المزيد من المعطيات على الموسوعة التونسيّة
تقديم النّص

من أشهر القصائد العربيّة قديما وحدِيثا، نظرا إلى رقّة غزلها، وجمال تعابيرها وصُورها، وبحرها الرَّاقص وهو « الخَبَبُ »، وقافيتها الدَّاليّة المضمومة وبعدها هاء مضمومة. أقبل عليها الموسيقيُّون يلحّنونها والشّعراء القدامى والمحدثون يقلّدونها تقليدا يُسمّى في نقد الشّعر « المُعارضة »، وتعني محاكاةَ شاعر لقصيدة شاعرٍ آخر في البحر والقافية والموضوع أحيانا. ومن الشّعراء مَن عارضها بالتَّخميسِ (وهو استعارةُ الشّاعر شطرا من قصيد شاعر آخر يُضيفه إلى أربعة أشطر من عنده) أو بالتّشطير (استعارةُ شطر من كلِّ بيت في القصيدِ وتَكمِلتُه بشطرٍ مُبتَدَع).

يتكوّنُ القصيدُ من 99 بيتًا، 23 منها في « النّسيب » (المقدّمة الغَزليّة) و76 في مدح الأَمير أبي عبد الرّحمان محمّد بن طاهر (ت 455 هـ/1063 م)، صاحب مُرسِية ، استرضاءً له إِثر وشايَةٍ.

يُكثّف الشاعر في النّسيب معانيَ الشّكوى الغزليّة من أحوال العاشِق : الأَرَق والبين وتمنِّي زيارة الطَّيف، والبُكاء، وطلب الوصل المُحيي للصّبِّ (العاشق) العَليل، ووصف مَحاسن المَعشوق. لَكنّهُ يختصُّ بتوليد معانٍ طريفةٍ في الغزل الفصيح، مثل نداءِ ليل العاشق كما في المواويل :

يا ليل الصّبّ متى غده أقيامُ السّاعةِ موعدُه
واعتبار النُّجوم التي يرعاها العاشق مُشفِقةً عليه :

فَبَكَاهُ النَّجْمُ وَرَقَّ لَهُ مِمَّا يَرْعَاهُ وَيَرْصُدُهُ

أو اعتبار حُمرَة خدَّي المَعشوق دليلاً على إِراقتهِ دم العاشق :

يَا مَنْ جَحَدَتْ عَيْنَاهُ دَمِي وَعَلَى خَدَّيْهِ تَوَرُّدُهُ
خَدَّاكَ قَدْ اعْتَرَفَا بِدَمِي فَعَلَامَ جُفُونُكَ تَجْحَدُهُ ؟
وبعد الأبيات المدحيَّة أشاد الشاعر بقصيدِه :
مَا أَجْوَدَ شِعْرِي فِي خَبَبٍ وَالشِّعْرُ قَلِيلٌ جَيِّدُهُ !
لَوْلَاكَ تَسَاوَى بَهْرَجُهُ فِي سُوقِ الصَّرْفِ وَعَسْجُدُهُ
وظهرت المُعارَضات المشرِقيّة منذ القرن الخامس الهجريّ، ولعلَّ أَقدمها مُعارضَة ناصح الدّين الأرّجانيّ (ت 544 هـ/1149م). وتكاثرَت المُعارضات لدى المحدثين في النّصف الأَوّل من القرن العشرين، إِذ تَبارى فيها الكثير من شُعراء مصر و العراق و تونس و الشام والمهجر. واشتهرَت مُعارَضة أحمد شوقي التي لحَّنها محمّد عبد الوهّاب ومطلعها :
مَضْنَاكَ جَفَاهُ مَرْقَدُهُ وَبَكَاهُ وَرَحَّمَ عُوَّدُهُ

ومُعارضَة الشّابّي ، وعنوانها « صَفحة من كتاب الدّموع » :

غَنَّاهُ الأَمْسُ وَأَطَرَبَهُ وَشَجَاهُ اليَوْمُ فَمَا غَدُهُ ؟

ومُعارضة مصطفى خريّف ومطلَعها :

العَهْدَ هَلُمَّ نُجَدِّدُهُ فَالدَّهْرُ قَدِ انْبَسَطَتْ يَدُهُ
وقد جمع الجيلاني بالحاج يحيى (ت 2016) و محمّد المرزوقي (ت 1981) 105 مُعارضة. ولحِّن القصيدُ على نغمة الحجاز بأداء نور الهدى و فيروز ، كما لحّن محمّد عبد الوهاب (ت 1991) معارَضة أحمد شوقي ، ولحّن عبد العزيز محمّد في نَغمَة الرَّاست مُعارضة مصطفى خرَيِّف (ت 1967).
تعديل الجذاذة
شواهد

يَا لَيلُ الصَّبُّ مَتَى غَدُهُ *** أَقِيَامُ السَّاعَةِ مَوعِدُهُ ؟
رَقَدَ السُّمَّارُ فَأَرَّقَهُ *** أَسَفٌ لِلبَينِ يُرَدِّدُهُ

يَا أَهلَ الشَّوقِ لَنَا شَرَقٌ *** بِالدَّمعِ يَفِيضُ مُورِّدُهُ
يَهوَى المُشتَاقُ لِقَاءَكُمٌ *** وَظُرُوفُ الدَّهرِ تُبَعِّدُهُ
مَا أَحلَى الوَصلَ وَأَعذَبُهُ *** لَولاَ الأَيَّامُ تُنَكِّدُهُ

الحُبُّ أَعَفُّ بَنِيهِ أَنَا *** غَيرِي بِالبَاطِلِ يُفسِدُهُ
كَالدَّهرِ أَجَلُّ بَنِيه أَبُو *** عَبد الرَّحمَان مُحمَّدُهُ
العَفُّ الطَّاهِرُ مِئزَرُهُ *** والحرُّ الطَّيِّبُ مَولِدُهُ

مخطوطات
صور ذات صلة
صفحة غلاف الكتاب محمد المرزوقي الجيلاني يا ليل الصب ومعارضاتها 1986
Page de garde du livre de Mahmoud Marzouki Yâ Layl as-sabbu, édition de 1986
Cover page of Mahmoud Marzouki's book Yâ Layl as-sabbu, 1986 edition
صورة متخيلة لأبي الحسن الحصري على طابع بريدي تونسي لعلي فخت
Portrait imaginé par Ali Fakhet de Abou Al Hassan Al Housri sur un timbre de la poste tunisienne
Imagined portrait by Ali Fakhet of Abu Al Hassan Al Housri on a Tunisian postage stamp
السطور الأولى من قصيدة « يَا لَيْلُ الصَّبُّ »
Premiers vers du poème Y’a Layl assab
First lines of the poem Y'a Layl assab
من كتاب صور الكواكب الثّابتة لعبد الرّحمان الصّوفي

مكتبة بودليان - مخطوط مارش 144

Un image du Kitāb Ṣuwar al-kawākib al-thābita - ʿAbderraḥmān al-Ṣūfī)

Bibliothèque Bodleian - MS. March 144

Book of pictures of the (fixed) stars - ʿAbderraḥmān al-Ṣūfī

Bodleian Library - MS Marsh 144

معطيات بيبليوغرافيّة
  • - محمّد المرزوقي والجيلاني بالحاج يحيى، يا ليل الصّبّ ومعارضاتها، تونس، الدّار العربيّة للكتاب، 1986
  • علي عبد الغني حصري : ديوان ليل الصب - مجموعة معارضات قصيدة أبي الحسن الحصري القيرواني ؛ عني بجمعها وشرح مفرداتها محمد علي حسن ، مطبعة الإيمان،، [بغداد]، [1968].
  • علي بن عبد الغني الحصري : أبو الحسن الحصري القيرواني - عصره - حياته- رسائله - ديوان المتفرقات - يا ليل الصب - ديوان المعشرات - اقتراح القريح ، مكتبة المنار، تونس، 1963. تحقيق
تحرير الجذاذة
(بتصرّف اللّجنة العلميّة)

متحف التراث المكتوب - 2022

Creative Commons logo

نرحّب بملاحظاتكم ومقترحاتكم على العنوان التّالي :