None
(Š`r)
None
(Š`r)
شاعرُ بلاط الخليفة الفاطمي الرَّابع المُعِزّ لدينِ الله الفَاطِمي خَاصّةً. يَتَّصِلُ نَسَبُهُ بيَزِيد بن حاتِم المُهَلَّبي ، والِي إفريقِيّةَ لِلعَبّاسِيِّين (من 155 هـ/772م إلى 171 هـ/787م). يَلُفُّ المرحَلةَ الأندلُسِيّةَ مِن حَياتِه ضَبَابٌ كَثيفٌ فقد وُلد بِإشبيلية وعَاشَ شبابَه بَينَها وبَينَ أَلبيرَةَ وقُرطُبةَ، وكَانَ قد أَخذَ عَقيدةَ التَشَيُّع الإسمَاعيلي عن أبيه، وهُو مِن دُعاةِ هذا المَذهَب، وتَعرَّضَ جَرَّاءَ ذلك لمُضايَقاتٍ بالأندَلُس فغادَرها إلى إِفريقيَّة (المَهدِيَّة) وهو في السابعةِ والعشرين حيثُ أصبحَ مَدّاحًا لِلفاطميِّين ومُدافِعا مُتحَمِّسا عن التّشيُّع يُشيدُ بمَناقب الأيمَّةِ ويَمدحُ المُعزَّّ لدين الله مَدائحَ بَلغَ صَداهَا قُرطُبَةَ غَربا وبَغدَادَ شَرقا، واشتَهرَ في عَصرِهِ وبَعدَهُ – بشعرِ الحَماسَةِ والبَأسِ بالخصوص- حتى لُقِّبَ بِـ « مُتَنَبِّي المَغرب »، ثُمّ تُوفّيَ بِبَرقةَ في ظُروفٍ غامِضةٍ سنة 362 هـ/973 م.
اعتُبر ابنُ هانئ أوّلَ شعراء الغرب الإسلامي الكبار وأهمَّهم خلال القرن الرّابع الهجري (10م) كما اعتُبر أكثر الشّعراء الشّيعة تحمّسًا للمذهب وغلب على شعره المدحُ، وطغت على مدحه العقيدةُ الدّينيّةُ والسّياسيةُ الشّيعيّةُ واتّصف بلفاظيّة عالية بما فاق ما عُرف به سابقوه من المَشارِقة من أمثال لسيّد الحِميَري ا و دعبل الخُزاعي .
ولئن اتّسم شعرُه، في جانب الدلالة، بالإخلاص المذهبي ذي الطّابَع الإسماعيلي المُغالي أحيانا كثيرة، فقد اتّسم، في جانب الأسلوب، بسمات أبرزُها المحافظةُ في مُستوى المِعمار الفنّي عامّة، ولا سيما المُعجم والصورة، وهي محافظةٌ أضعفت هُويّةَ شِعره « الإفريقيّة » و « الأندلسيّة » لأنّ البيئة التي صوَّرَها « مُجتلَبَةٌ بالحفظِ والتّحصيل » على حدّ قول الباحث محمّد اليعلاوي.
والسّمةُ الثّانيةُ التي تميّزُ شِعره، في تقديرنا هي وصفُ المعارك البحريّةِ التي خاضَها المُعزّ ضدّ البيزنطيّين أثناء الصّراع على صِقليّة خاصّة، ومنه قوله : أَمَا وَالجَوَارِي المُنْشَآتِ الَّتِي سَرَتْ لَقَدْ ظَاهَرَتْهَا عُدَّةٌ وَعَدِيدُ قِبَابٌ كَمَا تُزْجَى القِبَابُ عَلَى المَهَا وَلَكِنَّ مَنْ ضُمَّتْ عَلَيْهِ أُسُودُ
أمّا السّمةُ الثالثةُ فتتمثّل في ما يمكن أن نسمّيَه « إفادة الخيال الشعري من الغُلُوّ العَقَدي » ونعني به جُموح العبارة الشعريّة –ولا سيما الصّورة– بجموح الفِكرة المَذهَبِيّة، وهو ما يُجسِّمُه أفضلَ تجسيم قولُه الشهيرُ للمعزِّ لدين الله : مَا شِئْتَ، لَا مَا شَاءَتِ الأقْدَارُ فَاحْكُمْ فَأَنْتَ الوَاحِدُ القَهَّارُ وهو كلامٌ غنِم منه الشّعرُ غُنْمًا كبيرًا ولم يغنم منه الدّين –في ما نرى– شيئًا.
شِيعيٌٌّ أَمْـلاَكِ بَكْرٍ إِنْ هُمُ انْـتَـسَبُوا * وَلَـسْتَ تَـلْـقَى أَدِيبًا غَـيْـرَ شِيعِيٍّ
مَنْ أَصْلَحَ المَغْرِبَ الأَقْصَى بِـلاَ أَدَبٍ * غَـيْـر التَّشَـيُّـعِ وَالدِّيـنِ الَحـنِـيـفِـيِّ
في كَفِّ يَحْيَى مِنْهُ أَبْـيضُ مَرْهَفٌ * عَرفَ المُعِزَّ حَقِيقَةً فَتَشَيَّعَا
وجَرَى الفِرِنْدُُ بِصَفْحَتَيْهِ ، كَأَنَّمَا * ذكَرَ القَتِيلَ بِكَرْبَلاَءَ فَدَمَّعَا.
وسُفْنٍ إذَا مَا خَاضَتِ اليَمَّ زَاخِرًا * جَلَتْ عَنْ بَيَاضِ النَّصْرِ وهْيَ غَرَابِيبُ
تُـشَـبُّ لَـهَا حَـمْـرَاءُ قَـانٍ أُوَارُهَا * سَبُـوحٌ لَهَا ذَيْـلٌ عَلَى الَماءِ مَسْحُـوبُ
None
None
None
None
حُقّق شعر ابن هانئ لأوّل مرّة تحقيقا علميّا من قبل محمّد اليعلاوي وقد اتّخذه موضوعا لأطروحته لدكتوراه الدّولة التي ناقشها بالسوربون عام 1973م ونُشرت أوّلاً بالفرنسيّة ضمن منشورات كلّية الآداب عام 1976م ثمّ عرّبها ونشرها بدار الغرب الإسلامي ببيروت عام 1985م.
ولأحمد التّيفاشيّ القفصيّ شرح مفقود لديوان ابن هانئ، عنوانه " الدّيباج الخسروانيّ في شرح ديوان ابن هاني".